كتب :أحمد سيد
جاء اختيار الفيلم المغربى «على صوتك – إيقاعات كازابلانكا» للمخرج نبيل عيوش بالمسابقة الرسمية بمهرجان كان السينمائى ليفتح ملف السينما المغربية ومدى التطور الذى لحق بها فى العالم العربى، خاصة أن السينما المغربية أصبحت حاضرة بقوة فى عديد من المحافل الدولية، وهو ما يعبر عن تطورها ونشاطها غير المسبوق فى الفترة الأخيرة بشكل خاص.. «أخبار النجوم» التقت عددا من النقاد يكشفون عن الأسباب الحقيقية وراء تفوق السينما المغربية فى الفترة الأخيرة تحديدا، وتواجدها بشكل شبه دائما فى المحافل الدولية .
ويقول الناقد طارق الشناوى: إن مشاركة المخرج المغربى نبيل عيوش فى مهرجان كان بشكل عام أمر ليس بجديد، حيث شارك من قبل فى بعض البرامج الموازية مثل نظرة ما وأسبوعا المخرجين بعدد من الأفلام، وهو من المخرجين المثيرين للجدل من خلال أعمالهم التى تكشف عن عديد من القضايا السلبية فى بلده المغرب منها فيلم «الزين لى فيك» والذى يناقش قضية الدعارة فى المغرب، وقام بتقديم عدد من المشاهد الخارجة ضمن أحداث العمل.
ويضيف طارق الشناوى: يقدم أعماله المغربية من خلال إنتاج فرنسى، وبعيدا عن مشاركة نبيل عيوش فى المسابقة الرسمية لمهرجان كان السينمائى هذا العام، أن السينما المغربية تشهد بالفعل تطورا كبيرا، وأصبحت متواجدة على الساحة بشكل شبه دائم وخاصة فى المحافل الدولية، وهو أمر لابد أن نتوقف عنده كثيرا خاصة فى ظل التراجع الذى تشهده السينما المصرية والتى كانت رائدة فى عالم السينما، ولكن تعد المغرب تانى بلد عربى بعد مصر تقدم أعمال سينمائية جيدة الصنع، فضلا عن الكم، ويأتى ذلك لتضافر كافة الجهود من أجل تقديم أعمال فنية تشارك بالمحافل الدولية.
ويوضح الشناوى، أن السينما المغربية شهدت تطورها الحقيقى بعد إنشاء المركز السينمائى المغربى، والذى دخل فى دعم الأفلام بقوة حتى أصبح هناك معادلة ربما تكون الأصعب وهى تقديم أعمال جيدة وفى نفس الوقت إنتاج كم من الأفلام التجارية المتنوعة، وأتمنى أن تحقق السينما المصرية نفس النجاح خاصة أننى رواد هذا المجال.
عوامل مهمة
لم يختلف كثيرا رأى الناقد رامى عبد الرازق عن رأى الناقد طارق الشناوى، قائلا: «السينما المغربية تعد من الفنون الأكثر تأثيرا بين الدول العربية بعد مصر، وأرى أن السينما المغربية تستحق ما حققته من نجاحات فى الفترة الأخيرة كونها تطورت كثيرا، وأصبحت متواجده عالميا، وعن تجربة شخصية من خلال عملى فى مهرجان القاهرة السينمائى الدولى وتحديدا من خلال إشرافى على مسابقة الأفلام العربية، حيث وجدت أن السينما المغربية الأكثر تواجدا حاليا والأكثر جودة أيضا بين الأفلام التى يتم عرضها على المهرجان من الدول العربية.
ويضيف رامى: هناك عدة عوامل مهمة ساهمت فى هذا التطور أولها الاهتمام من قبل الدولة لصناعة السينما ودعمها باستمرار من خلال المركز السينمائى المغربى والذى أنشئ عام 1944، وحرص على تطوير هذه الصناعة حتى أصبحت لها تواجد شبه دائم فى المحافل الدولية، كما أن هناك دعم معنوى من الدولة أيضا للأفلام التى يتم اختيارها فى مهرجانات عالمية، كما أن هناك عدد من الكوادر السينمائية التى تحرص على تقديم أعمال جيدة تعبر عن هذا البلد.
التنوع
بينما يرى الناقد أندرو محسن: «السينما المغربية تعد ثانى الفنون فى العالم العربى التى تتمتع بإبداع حقيقى بعد مصر، ويأتى ذلك نتيجة اهتمام البلد والقائمين على السينما فى المغرب بتقديم نوعية أفلام مختلفة ويهتمون أيضا بالكم، فضلا عن دعم المركز السينمائى المغربى الذى يشجع أى مبدع على تقديم أعمال فنية باستمرار، كما أن أهم ما يميز السينما المغربية التنوع الذى يحرص عليه السينمائيون من خلال أفلامهم، حيث تجد أفلام تجارية وأفلام تشارك فى مهرجانات، ولكنها مليئة بالتنوع بين التراجيدى والكوميدى والميلودراما والأكشن، فضلا عن أن الأفلام التجارية يتم صنعها بشكل جيد ويهتمون بها أيضا مثل الأفلام التى يمكن مشاركتها فى المهرجانات.
ويضيف أندرو: «المخرج نبيل عيوش لم تكن المرة الأولى له التى يشارك فيها بمهرجان كان السينمائى، وهو من المخرجين المميزين بجانب عدد من المبدعين الذين فرضوا أنفسهم على الساحة المغربية مثل عدد من المخرجين منهم المخرج محمد مفتكر ومحمد إسماعيل والمخرجة مريم التوزانى، وبالتالى لدى السينما المغربية تاريخ حافل من الانجازات تم تطورها بشكل جيد مع دخل الدولة وتحديدا المركز السينمائى المغربى، والذى حرص على دعم عديد من المشروعات الفنية منها التجارى والذى يشارك فى مهرجانات عالمية، فضلا عن أن الإنتاج الذى زاد الى 20 فيلما فى العام.
فيلم نبيل عيوش
ويرصد فيلم «على صوتك – إيقاعات كازابلانكا»، الذى يعرض فى القاعات السينمائية المغربية فى شهر نوفمبر المقبل، رحلة التحرر عبر موسيقى الهيب هوب، من خلال تسليط الضوء على أحد الأحياء الشعبية بالدار البيضاء، حى سيدى مؤمن، الذى بنى فيه المخرج مركزا ثقافيا، فى محاولة منه ومن مجموعة من الناشطين الثقافيين والفنيين بالمدينة من أجل انتشال شبابها من مخالب الإرهاب والتطرف، خاصة بعد الأحداث الإرهابية لـ 16 مايو 2003.
ويأتى هذا الفيلم، الذى تغير عنوانه أكثر من مرة، حيث تقدم بطلب للدعم من المركز السينمائى المغربى وحصل عليه عام 2018 بعنوان «المدرسة الإيجابية»، وهى تجربة «بوزيتيف سكول» التى يقودها مغنى الراب «باوس» لتلقين شباب الأحياء الشعبيىة بالدار البيضاء فن الراب، خاصة فى حى سيدى مؤمن، وذلك بتعاون مع «مؤسسة على زوا» التي لها العديد من المراكز الاجتماعية والثقافية فى المغرب.
وتدور أحداث فيلم «على صوتك – إيقاعات كازابلانكا» فى قالب سبق ووصفه المخرج نبيل عيوش بـ «كوميديا موسيقى الهيب هوب»، فى المركز الثقافى سيدى مؤمن بالدار البيضاء، حيث يعمل رابور قديم اسمه «أنس» على تدريب شباب الحى وتلقينهم موسيقى الهيب هوب، ومساعدتهم على التحرر من التقاليد والأعراف التى تثقل كاهلهم، حتى يتمكنوا من العيش بسلام ويعبرون عن أنفسهم عبر موسيقى الهيب هوب.
ويشارك فى هذا الفيلم، الذى أنتجته شركة «عليان للإنتاج»، وكتب السيناريو الخاص به المخرج نبيل عيوش بتعاون مع زوجته المخرجة مريم التوزانى، ممثلون شباب غير محترفين، من بينهم مغنى الراب أنس، وأغلبهم شارك باسمه الشخصى الحقيقى.
تطور السينما المغربية
للسينما فى المغرب تاريخ طويل، يمتد إلى أكثر من قرن من الزمان ومع فجر الاستقلال والتخلص من الاستعمار، ظهر جيل من السينمائيين الذين يؤمنون بالواقعية، وتحول الفنان المغربى من مجرد مشارك فى تجارب عالمية، إلى بطل أمام الكاميرا، وانتعش الإنتاج الفنى، خاصة بعد صدور قانون الدعم السينمائى، وكان فيلم»الابن العاق» إنتاج عام 1958، أول إنتاج خالص للسينما المغربية، وشهدت مرحلة الثمانينيات انتعاشة كبيرة للسينما، وبلغ الإنتاج فى هذه المرحلة 50 فيلما فى العام، وبمرور الأيام وتعدد التجارب، تطورت السينما، وراحت المغرب تشارك فى عديد من المهرجانات العالمية.
.. و السينما المصرية
فى المحافل الدولية
للخلف در
اختيار السينما المغربية فى مهرجان كان السينمائى الدولى بفيلم «على صوتك – إيقاعات كازابلانكا» للمخرج نبيل عيوش، وضع السينما المصرية فى ورطة خاصة أن ما تشهده فى الفترة الماضية من تراجع، وتحديدًا منذ عرض فيلم «اشتباك» فى عام 2015 بمهرجان كان السينمائى، وهو ما دفعنا لفتح الملف لنضع أيدينا على الأسباب الرئيسية لهذا التراجع الذى تشهده السينما المصرية فى المحافل الدولية، ونكشف فى هذا التحقيق عن الحلول التى يمكن أن تعيد السينما المصرية إلى ريادتها وتواجدها الدائم عالميًا.
ويقول المؤلف بشير الديك: تراجع السينما المصرية فى المحافل الدولية أمر يحتاج إلى وقفة حقيقية، ولا بد من دراسة الأسباب التى أدت الى هذا التراجع حتى يمكن أن نعود مجددا الى العالمية، وأرى أن أولى هذه الأسباب هو عدم وجود الدعم المادى من جانب المركز القومى للسينما، حيث تم مناقشة هذا الأمر أكثر من مرة إلا أن لم يتحرك المسئولين عن الصناعة، كما أن هذا الدعم المادى رغم قلته لم يصل الى مستحقيه من المبدعين الذين يشرعون فى تقديم أعمال جيدة تكون خير سفيرة إلى السينما المصرية فى المحافل الدولية.
ويضيف بشير الديك: الأمر الثانى نوعية الأعمال التى يتم إنتاجها فى الفترة الحالية والتى تفتقد إلى الفن الجيد وبالتالى يتم استبعادها من المشاركة فى المهرجانات العالمية، كما نفتقد إلى الدعم المعنوى الذى يعد أحد الركائز الأساسية فى دعم الفيلم المصرى بالخارج، وأتصور أن السينما المصرية تمتلك كوادر فنية حقيقية يمكن أن تعيدنا إلى العالمية، ولكن لابد من إتاحة فرصة لهم من أجل تنفيذ مشروعات سينمائية تليق أولا بسمعة السينما المصرية».
ويوضح بشير الديك: «هناك أيضا سبب لا إرادى، وهو التأثير الكبير الذى تسببت فيه جائحة كورونا على الصناعة بشكل عام، وكانت سببًا فى تراجع الإنتاج، وبالتالى لم يكن هناك مبدعون يمكن أن يتحمسوا لعمل فنى فى ظل هذا التأثر الكبير».
بينما يرى المخرج محمد أمين: أننا ننظر إلى العالمية، ولم يكن هناك بنية جيدة لتحقيق ذلك لابد فى البداية أن نعيد هيكلة بعض الأمور والتفاصيل من أجل أن نعود إلى العالمية، وأتصور أولى هذه الأمور أن يتم إعادة الدعم للسينمائيين من خلال المركز القومى للسينما، وعلى المركز أن يقوم بتوزيع هذا الدعم طبقا لبعض الشروط التى يجب توافرها فى المشروع الفنى والذى تؤهله الى المشاركة فى المحافل الدولية.
ويضيف أمين: السينما المغربية تطورت كثيرا عندما استطاعت الدولة أن تركز فى هذا الجانب وتهتم به من خلال المركز السينمائى المغربى، والذى يدعم الأعمال التى تستحق المساندة والدعم المادى من أجل خروجها الى النور، حيث يتعامل مع العمل الفنى بمثابة مشروع قومى وسفير للبلد، ولابد من أن نتحلى بنفس هذه الروح، وأتصور أن الأزمة الأخرى، وهى عدم تحمس عدد من المنتجين لتقديم أعمال يمكن مشاركتها فى مهرجانات خاصة فى ظل الظروف الصعبة التى تمر بها البلاد بسبب جائحة كورونا، وهو الأمر الذى ساهم أيضا فى تقليل عدد الأفلام التى يتم إنتاجها.
أما الناقد نادر عدلى فيقول: «بعيدا عن اختيار فيلم «على صوتك – إيقاعات كزابلانكا» للمخرج نبيل عيوش فى مهرجان كان وربطها بتراجع السينما المصرية عن المحافل الدولية، لابد أن ننظر بشكل أعمق الى هذا الأمر، ونضع أيدينا على الأسباب الرئيسية خاصة أن السينما المصرية ستظل الرائدة، ولكن هناك بعض الأمور أو الأسباب التى ساهمت فى هذا التراجع أهمها عدم وجود دعم مادى جيد للمبدعين، والذى يسأل عنه المركز القومى للسينما، وخاصة أن هناك عديد من الأقاويل حول زيادة الدعم من 20 الى 50 مليون جنيه، وهو ما لم يتحقق حتى الآن، بل زاد الطين بلة عندما انقطع الدعم تماما.
ويضيف نادر عدلى: «لابد من أن يعود المركز القومى للسينما الى دوره الأساسى ولا يقتصر فقط على إقامة مهرجان الإسماعيلية السينمائى، لابد من توفير الدعم الكافى لمستحقيه من المبدعين السينمائيين، كما لابد من وجود دعم معنوى أيضا من جانب الدولة من الأفلام التى تشارك فى مهرجانات عالمية حتى نتمكن من مواصلة الطريق الصعب.