كتبت: فادية البمبي
مذكرات كتبت بعفوية آسرة.. وبأسلوب بسيط شيِّق، مزيجًا من السيرة الذاتية والعائلية، حاولت تحية عبد الناصر كتابة مذكراتها مرتين؛ الأولى فى حياته، والثانية بعد رحيله، لكنها لم تقو على المواصلة، فمزَّقت ما خطت يدها، حتى كانت المحاولة الثالثة فى الذكرى الثالثة لرحيل «الرئيس».
كما كانت تسميه، فكتبت بخط يدها، كان الزعيم جمال عبد الناصر يُحب مشاهدة أفلام السينما، ويعتبرها وقت راحة، وأثناء مشاهدة الفيلم، كانت تُرسل إليه مذكرات، ويستعمل الولاعة فى قراءتها ويكتب الرد فى دقائق، ثم يستمر فى مشاهدة الفيلم.
وأحيانًا يقوم بعد قراءة المذكرة ويذهب إلى مكتبه، ويقول لى قبل مغادرته حجرة السينما: فليستمر عرض الفيلم، ولكنى كنت أطلب أن يتوقف حتى يحضر الرئيس، ويغيب قليلاً ثم يرجع، وأحيانًا تكون المذكرة بالغة الأهمية؛ فيقول لى: فلتكملى أنت الفيلم وسأذهب إلى المكتب، فكنت أستمر فى المشاهدة، وأحيانًا أصعد إلى الدور الثانى إذا لم يكن الفيلم يعجبنى.
وفى السنتين الأخيرتين التى كان لا يدخن فيهما، كان يحضر ومعه بطارية صغيرة يستعملها عند قراءة المذكرات، كما كان الرئيس يُحب التصوير بالكاميرا للصور العادية ولأفلام السينما، وكان ينزل إلى الحديقة فى أوقات قليلة، ويطلب الأولاد ويُصورهم، وكنت أكثرهم صورًا وآخذ قسطًا كبيرًا من الأفلام.
هدايا رمزية
كان الرئيس لا يقبل هدية إلا من رئيس دولة، ويُفضِّل أن تكون رمزية، وأهدى بعربات من الرؤساء والملوك وبالأخص العرب، وطائرة ومركب وفرس من رؤساء الدول الصديقة، وكلها سلَّمها إلى الدولة ولم يترك بعد رحيله إلا العربة «الأوستن» السوداء، وقد ظلت بإسمه فى قلم المرور، وقد قيل لى إنها ستوضع فى متحف للقوات المسلحة.
نظام الأكل فى بيتنا..
لم تكن هناك مواعيد للأكل مطلقًا، فيومًا نتناول الغداء الساعة الثالثة، أو بعد الثالثة أو الرابعة، وقليلًا جدًا بعد الثانية وكنت أنتظره حتى يحضر، ويجدنى لم أتناول الغداء فيقول لى: «لم انتظرتنى ولم تتناولى غداءك؟
أما الإفطار فكان يطلبه فى حجرة النوم قبل خروجه مباشرة أو نزوله إلى المكتب، وأحيانًا يتناول كوب لبن أو عصير فاكهة فقط ويخرج مسرعًا، وكان يطلبنى قبل خروجه وأجلس معه وهو يتناول إفطاره حتى لو كنت قد تناولت إفطارى، أما العشاء فكان يتناوله بمفرده أو أتناوله معه إذا كان الوقت غير متأخر، وغالبًا يكون عشاء خفيفًا من الجبنة والزبادى والفاكهة، ويفضل الجبنة البيضاء.
ولم يكن الزعيم يعامل أطفاله بالشدة، ويقول لى: إن الطفل الذى يُضرب يخاف، ولكى يحمى نفسه يكذب، وعندما يكبر يتعود على الكذب، وأهم شىء فى تربية الطفل ألا يكذب أبدًا، وإنه عندما يغلط يُنبه إلى الصواب، ويظل كلما عمل غلط يشرح له الصواب، هكذا يظل يوجه إلى الصواب مهما تكرر غلطه.