محمد كمال
الفنانة الشاملة .. هو الوصف الدقيق لسعاد حسني التي لقبت بالسندريلا فهي كانت ممثلة قدمت كل الأدوار بمختلف أنواعها ومطربة حيث غنت الأغاني الطربية وأيضا الخفيفة وراقصة سواء فن الرقص نفسه أو الاستعراض أو الرقصات الرياضية مثل الباليه، دخلت قلوب المصريين بسهولة وسرعة بسبب خفة ظلها وملامحها الجميلة الرقيقى فقد وجد فيها الرجال فتاة أحلامهم، ووجدت فيها النساء القدوة والمثل، وأيضا وجدت فيها ثورة يوليو ضالتها حيث انها الفتاة البسيطة المنطلقة ذات الملامح الشرقية الخمرية اللون والقريبة من الفتيات المصريات حتى تكون نموذج الفتاة المصرية فى السينما بعد الثورة بعيدا عن نموذج العائلات الأرستقراطية التى كانت موجودة فى مصر فى هذا التوقيت والتي بالطبع انتقلت لشاشات السينما، ولم تكن هناك ممثلة تملك هذه الشروط غير سعاد حسنى لهذا دخلت قلوب الجمهور المصرى بسرعة و فى أعوام قليلة أصبحت النجمة الاولى للسينما المصرية .
ويمر هذا الأسبوع عشرين عاما على رحيل واحدة من أهم المواهب في تاريخ الفن المصري فقد توفيت في 21 يونيو عام 2001 ومازالت مسألة رحيلها تمثل لغز لم يتم الكشف عن أسرراه وتفاصيله الكاملة بعد رغم مرور كل هذه المدة، سعاد حسني من مواليد 26 يناير عام 1943 في حي بولاق بمحافظة القاهرة لأب من أصول سورية وهو محمد كامل حسني البابا، وكان جدها حسني البابا مطربا مشهورا في سوريا قبل الهجرة إلى القاهرة عام 1912.
يعود الفضل فى اكتشاف سعاد حسني إلى الإعلامى و الشاعر «عبد الرحمن الخميسى» الذى ساعدها فى بداية طريقها ورشحها لتقديم دور البطولة في مسرحية «هاملت» للأديب الإنجليزي وليام شكسبير، وفي أحد العروض شاهدها المخرج هنري بركات ليقوم باختيارها لدور البطولة في فيلم «حسن و نعيمة» عام 1959، وفي نفس العام قدمت مسلسل إذاعي يحمل اسم «من أنا» للمخرج عادل جلال.
كانت نقطة انطلاق سعاد حسني في نهاية الخمسينيات لكن توهج نجوميتها ووصولها إلى القمة كان في مرحلة الستينيات التي أصبحت خلالها بسرعة إحدى نجمات الشباك المحببين لدى الجماهير، المرحلة الأولى من فترة الستينيات كانت الانتشار ففى عام 1960 قدمت خمسة أفلام أولهم كان «البنات و الصيف» مع المخرج فطين عبد الوهاب و «ثلاثة رجال و إمرأة» مع حلمى حليم و «مال ونساء» مع حسن الإمام و«غراميات إمرأة» مع طلبة رضوان و كان أهم أفلامها فى هذا العام فيلم «إشاعة حب» مع عمر الشريف و يوسف وهبى و إخراج فطين عبد الوهاب وهو الفيلم الذى أعطى لها دفعة قوية فى مسارها السينمائى كبطلة شابة صاعدة بقوة خاصة بعد النجاح الجماهيري الذي حققه الفيلم وقتها الذي كان يمثل عدة رهانات قدمها فطين عبد الوهاب عندما استعان بعمر الشريف ويوسف وهبي وعادل هيكل لتقديم الكوميديا، وراهن على الفتاة الصغيرة سعاد حسني، وأيضا على قبول هند رستم فكرة تواجدها كضيف شرف.
وفي عام 1961 قدمت سعاد حسني سبعة أفلام منهم فيلمين مع المخرج عاطف سالم هما «مفيش تفاهم» و«السبع بنات» وأفلام «لماذا أعيش» مع إبراهيم عمارة، «ه3» مع عباس كامل، «الضوء الخافت» مع فطين عبد الوهاب، «السفيرة عزيزة» مع طلبة رضوان و«أعز الحبايب» مع يوسف معلوف، وفي عام 1962 قدمت خمسة أفلام «الأشقياء الثلاثة» مع حسام الدين مصطفى، «صراع مع الملائكة» لحسن توفيق، «غصن الزيتون» مع السيد بدير، «من غير ميعاد» مع أحمد ضياء الدين و«موعد في البرج» لعز الدين ذوالفقار، وفي عام 1963 قدمت ستة أفلام منهم فيلمين مع نيازي مصطفى هما «العريس يصل غدا» و«الساحرة الصغيرة» وفيلمين مع حسام الدين مصطفى هما «شقاوة بنات» و«سر الهاربة» وكان هذا الفيلم هو التجربة الأولى لها خارج الأفلام الكوميدية الرومانسية، ومع نجدي حافظ قدمت «الجريمة الضاحكة»، وأيضا واحد من أهم الأفلام الكوميدية في تاريخ السينما المصرية وهو «عائلة زيزي» للمخرج فطين عبد الوهاب.
في 1964 قدمت سبعة أفلام يأتي في مقدمتهم فيلم «الطريق» وهو من الأفلام التي تنتمي لنوعية الجريمة الغامضة للمخرج حسام الدين مصطفى، وفيلم «العزاب الثلاثة» إخراج محمود فريد، «للرجال فقط» لمحمود ذوالفقار، «لعبة الحب والجواز» لنيازي مصطفى، «حكاية جواز» لحسن الصيفي، «أول حب» إخراج عبد الرحمن شريف، «المراهقان» لسيف الدين شوكت، وقدمت في نفس العام أيضا تجربتها الثانية في المسلسلات الإذاعية من خلال مسلسل «لا شئ يهم» للمخرج محمد علوان وهو المأخوذ عن رواية تحمل نفس الاسم للكاتب إحسان عبد القدوس، في عام 1965 قدمت ثلاثة أفلام فقط هم «الثلاثة يحبونها» لمحمود ذوالفقار، «المغامرون الثلاثة» لحسام الدين مصطفى و«ليلة الزفاف» لهنري بركات.
مع بداية عام 1966 حدث تطور كبير فى أدائها حيث بدأت في الابتعاد قليلا عن الأدوار التي تدور حول فكرة الفتاة المرحة الشقية وبدأت في تقديم الأدوار المركبة الصعبة وكانت البداية مع فيلم «القاهرة 30» مع المخرج صلاح أبوسيف حيث قدمت دور أظهر موهبتها التمثيلية الحقيقية من خلال دور «إحسان» , قدمت أيضا فيلم «صغيرة على الحب» مع رشدى أباظة و المخرج نيازى مصطفى و قدمت فيه دور الفتاة الصغيرة بحرفية عالية، وفي نفس العام قدمت أربعة أفلام أخرى هم «شقاوة رجالة» لحسام الدين مصطفى، وفيلمين مع نيازي مصطفى هما «جناب السفير» و«فارس بني حمدان» وفيلم «مبكى العشاق» للمخرج حسن الصيفي.
وبعد مرور عام تعود للتألق مرة أخرى مع المخرج «صلاح أبو سيف» من خلال دورها فى فيلم «الزوجة الثانية» وهو الدور التى حصلت عليه على إشادة كبيرة من النقاد فى هذا التوقيت ، وبعد هزيمة 1967 قدمت عدد من الأفلام القليلة الغير جيدة بسبب توقف السينما وقتها قليلا مثل «شقة الطلبة» مع طلبة رضوان، «اللقاء الثاني» لحسن الصيفي، «شباب مجنون جدا» لنيازي مصطفى وقدمت ثالث مسلسل إذاعي في مسيرتها مع المخرج محمد علوان أيضا وهو «أيام معه» المأخوذ عن رواية للكاتبة والأديبة السورية كوليت خوري.
في عام 1968 قدمت ثمانية أفلام «نار الحب» لفاروق عجرمة، وفيلمين مع نيازي مصطفى هما «حواء والقرد» و «بابا عايز كده»، وفيلمين مع أحمد ضياء الدين هما «الست الناظرة» و«التلميذة والأستاذ»، «حلوة وشقية» مع عيسى كرامة، «حكاية 3 بنات» لمحمود ذوالفقار، «، ، «الزواج على الطريقة الحديثة» مع صلاح كريم، والمسلسل الإذاعي الرابع مع المخرج محمد علوان أيضا والذي حمل اسم «نادية» المأخوذ عن رواية ليوسف السباعي.
ومع نهاية حقبة الستينيات وبداية السبعينيات بدأت سعاد حسنى تدخل مرحلة جديدة فى حياتها الفنية حيث أصبحت تقدم أدوار مركبة و صعبة وبها أبعاد نفسية ففي عام 1969 قدمت أفلام «بئر الحرمان» لكمال الشيخ، «شئ من العذاب» مع صلاح أبوسيف»، «نادية» مع أحمد بدرخان، «الفيلم الكوميدي الوحيد كان «فتاة الإستعراض» مع محمود ذوالفقار، وقدمت أيضا المسلسل الإذاعي الخامس مع نفس المخرج محمد علوان وهو «الحب الضائع» المأخوذ عن مسرحية لعميد الأدب العربي طه حسين.
مع السبعينيات بدأت أدوار سعاد حسني تتجه نحو التراجيدية أكثر وأفلام لها بعد سياسي من منظور اجتماعي وكانت أفلامها في تلك الفترة هي الأفضل على المستوى الفني، ففي عام 1970 قدمت فيلمين «غروب وشروق» مع كمال الشيخ و«الحب الضائع» مع هنري بركات، وفي عام 1971 قدمت «زوجتي والكلب» مع سعيد مرزوق و«الاختيار» مع يوسف شاهين، وفي 1972 قدمت أربعة أفلام منهم اثنين مع سعيد مرزوق هما «الخوف» و«مكان للحب» ومع يوسف شاهين قدمت «الناس والنيل»، وأيضا فيلم «خللي بالك من زوزو» الذي يعد أطول فيلم مصري مكث في دور العرض لمدة عام كامل للمخرج حسن الإمام رغم أنه فيلم استعراضي في المقام الأول.
في عام 1973 قدمت السندريلا فيلمين هما «غرباء» لسعد عرفة و«الحب اللي كان» لعلي بدرخان، وفي 194 قدمت فيلم واحد فقط هو «أين عقلي» مع عاطف سالم، لكن في عام 1975 قدمت أربعة أفلام يأتي في مقدمتهم «الكرنك» مع زوجها فى هذا التوقيت المخرج علي بدرخان الفيلم الذى أثار ضجة وقت عرضه واعترض عليه أنصار الرئيس جمال عبد الناصر و اعتبروه تشويه لزعيم مصر, و قدمت فى هذا الفيلم مشهد من أجرأ مشاهد السينما المصرية وهو المشهد الذى حاولوا اغتصابها فى المعتقل ، وقدمت أيضا في نفس العام «على من نطلق الرصاص» لكمال الشيخ، «مين يقدر على عزيزة» مع أحمد فؤاد و«أميرة حبي أنا» مع حسن الإمام الذين أرادوا خلاله السندريلا والإمام وصلاح جاهين تكرار نجاح فيلمهما السابق لكن لم يحقق الفيلم نفس الصدى.
ابتعدت السندريلا قليلا عن السينما في النصف الثاني من السبعينيات فقد اختفت ثلاثة أعوام كاملة عن الظهور فلم تظهر سوى عام 1977 كضيفة شرف في فيلم «نساء في المدينة» للمخرج حلمي رفلة، لكنها عادت للسينما عام 1978 من خلال فيلم «شفيقة ومتولي» للمخرج علي بدرخان.
وفى فترة الثمنينيات بدأت سعاد حسني بالعمل مع مجموعة من الفنانين الذين نجحوا فى تثبيت أقدامهم كأبطال جدد للسينما المصرية التي سميت بالموجة الواقعية الجديدة مع جيل جديد من المخرجين الصاعدين كانت البداية عام 1980 من خلال فيلم «المتوحشة» مع سمير سيف وفي 1981 قدمت أربعة أفلام «موعد على العشاء» مع محمد خان، و«المشبوه» مع سمير سيف و«أهل القمة» مع علي بدرخان، وقدمت «القادسية» مع صلاح أبو سيف، في 1982 قدمت فيلما واحدا فقط وهو «غريب في بيتي» مع سمير سيف، وفي عام 1983 قدمت فيلما واحدا أيضا هو «حب في الزنزانة» مع محمد فاضل، وفي عام 1984 اقتحمت القضية الافغانية وصراعها مع الاتحاد السوفيتي من خلال فيلم «أفغانستان لماذا» للمخرج عبدالله المصباحي.
اتجهت سعاد حسنى عام 1985 للعمل فى التليفزيون للمرة الأولى كبطلة لمسلسل يحتوي على مجموعة حلقات فقد كان لها تجربة تليفزيونية قبلها بعشرة أعوام من خلال سهرة تليفزيونية بعنوان «ليلة و ذكريات» مع المخرج احمد يحيى , ولكن مع مسلسل «هو وهي» دخلت تجربة أكبر و أعمق المأخوذ عن مجموعة قصصية تحمل نفس الاسم للكاتبة سناء البيسى و أخرج المسلسل يحيى العلمى وشارك فى بطولته أحمد زكى وكان عبارة عن حلقات منفصلة متصلة تدور حول العلاقة بين الرجل و المرأة فى البيت المصرى بشكل كوميدى ساخر وحقق هذا المسلسل نجاحا ساحقا وقت عرضه .
وبعد هذا المسلسل قدمت السندريلا أربعة أفلام فقط هم «الجوع» عام 1986 مع المخرج على بدرخان ثم توقفت عامان وعادت في 1988 مع فيلم «عصفور الشرق» مع المخرج يوسف فرنسيس و فى نفس العام قدمت فيلم «الدرجة الثالثة» مع المخرج الصاعد وقتها شريف عرفة و هو أحد أهم أفلامها الذى لم يأخذ حقه من العرض السينمائى و العرض التليفزيونى بعدها ، و اختتمت سعاد حسنى مسيرتها السينمائية الطويلة علم 1991 بفيلم «الراعى و النساء» مع المخرج على بدرخان ولم تظهر السندريلا منذ وقتها حتى وفاتها على الشاشة الفضية.