تشهد دراما 2015 عودة للمسلسلات المأخوذة عن روايات أدبية منها “واحة الغروب” للروائي بهاء طاهر والذي تكتبه مريم ناعوم حالياً والبطولة لنيللي كريم، و”أريد حلاً” لنور عبد المجيد وتكتبه شهيرة سلام والبطولة لإياد نصار، أما العمل الثالث فهو “أنا والشغالات” لحنان البهي ومرشحة لبطولته غادة عادل.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل العودة إلى الأعمال الأدبية بمثابة ضمانة لوجود مادة درامية جذابة بعيداً عن المط والتطويل، أم أن الثورة وتداعياتها وعصور الفساد لم تعد جاذبة للمشاهد؟!
عودة سليمة
يرى المخرج محمد فاضل أن العودة إلى الأعمال الأدبية يمثل خروجاً من الأزمة التي تعاني منها الدراما، وإذا رجعنا للبدايات نجد أن الدراما التليفزيونية كانت تعتمد بشكل أساسي على روايات العمالقة نجيب محفوظ، ويوسف السباعي، ويوسف إدريس، وغيرهم، فهناك “لا تطفئ الشمس”، و”هارب من الأيام” وغيرهما، وكذلك الدراما الدينية مثل “محمد رسول الله” للرائع عبدالحميد جودة السحار، وأنا شخصياً قدمت أول سهرة تليفزيونية في مشواري عن قصة للروائي محمود تيمور، وحتى “رأفت الهجان” رواية لصالح مرسي.
وأضاف أن هذه كانت هي البداية الأصلية حتى ظهر الراحل أسامة أنور عكاشة وهو في الأساس كاتب روائي فقدم لنا الأدب التليفزيوني، وأنا أرى حتى يظهر لنا أسامة أنور عكاشة جديد لابد أن نعود للروايات، فعكاشة نفسه بدأ رحلة الدراما التليفزيونية برواية له، كتب لها السيناريو والحوار سليمان الصياد إلى أن ترك عكاشة الرواية واتجه مباشرة إلي السيناريو التليفزيوني الأدبي.. وبالتالي فهي بالفعل عودة سليمة، فإلى جانب الرصيد الهائل من كتاب الرواية أجيال الوسط والشباب فإن هناك كُتاباً جددا على مستوى جيد جداً، وهو ما تحتاج إليه الدراما خاصة أن ما شاهدناه في رمضان الماضي كان مهزلة حقيقية، فالمسلسلات تتميز بوجود مخرجين محترفين وممثلين على مستوى عال وكذلك المصورون ومهندسو الديكور وجميع عناصر العمل الأخرى، ولكن كانت المشكلة الحقيقية في السيناريو والحوار التي اعتمدت علي قصص وروايات مهلهلة، وبالتالي فالرواية تقدم لكاتب السيناريو أساسا متينا يبني عليه العمل خاصة الرواية الطويلة، فالكتاب حالياً في مأزق، و”بدون زعل” ليس لدينا كتاب سيناريو مباشر، والبديل هو الاقتباس خلسة من الأعمال الأجنبية الذي بلغ أقصى درجات “السخف”.
اتجاه ضروري
ويتفق معه في الرأي المؤلف كرم النجار مؤكداً أن هذه العودة ضرورية وشيء طبيعي جداً: فلابد أن نتفق في البداية أن العمل التليفزيوني المأخوذ عن نص أدبي شيء محترم جداً وكم من أعمال الرواد أمثال نجيب محفوظ قدمتها الدراما، وبالتالي فإن السبب ليس هروباً أو نضوب أفكار ـ في رأيي بل بالعكس، أري أنه يجب من حين لآخر أن نلجأ لمثل هذا الاتجاه، كما أن هناك كثيراً من أعمال العام الماضي كانت بعيدة عن ثورتي 25 يناير و30 يونيو وبالتالي فلا يدخل ذلك في نطاق إفلاس أفكار أو مؤلفين، فمنذ أن قامت ثورة يناير وهناك كثير من المؤلفين كتبوا عن الثورة آنذاك وإن كنت أرفض ذلك.. وهذا اتجاه طبيعي حتي أن هناك من اتجه لكتابة سيناريو أعماله بنفسه مثل ابراهيم عبدالمجيد، فالعامان الماضيان في رأيي ليسا معياراً لأي شيء لأن هناك الكثيرين أحجموا عن الكتابة أمثالي، خاصة أن عيني دائماً علي الواقع فوجدته كل يوم في حال مفاجآت وشكل جديد من الإرهاب والبشر أيضاً.
عدوى النجاح
وترى الناقدة ماجدة موريس أنها ظاهرة إيجابية جداً خاصة أن النجاحات التي حققتها الأعمال المأخوذة عن الروايات هذا العام كانت السبب الرئيسي في هذا الاتجاه، مثل مسلسلات «ذات» و«سجن النساء» و«موجة حارة»، كلها أعمال عن نصوص أدبية وحققت نجاحات كبيرة، وربما يكون صناع الدرامة قد تنبهوا إلي هذا الاتجاه بعد نجاح ثلاثة أعمال كما أن ذلك يحدث بعد ثورات وهي فرصة للابتعاد عن هذا الجو الذي مل منه المشاهد.. وأعاد التذكير بأهمية الإبداع الروائي في مصر الذي كان قد اختفي كثيراً من سنوات طويلة.